الصوم والافطار لمرضي القلب بين الإفراط والتفريط

الصوم والافطار لمرضي القلب بين الإفراط والتفريط

صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة بالأحكام الواردة في الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿... فمن شهد منكم الشهر فليصمه...﴾ "البقرة -١٨٥"

والاستطاعة البدنية شرط من شروط وجوب الصوم، وقد تكررت الرخصة بالإفطار في آيات الصيام:

1. ﴿...فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أُخر وعلى الذين يطيقونه فدية...﴾ "البقرة- ١٨٤"

2. ﴿...فمن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أُخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر...﴾ "البقرة- ١٨٥"

وتكرار الرخصة بالإفطار حتى لا يلقي الإنسان بنفسه الي التهلكة ظانا أنه يعبد ربه، والله برحمته يأمرنا بالحفاظ على النفس ولو كان ذلك بترك عمل من أحب الأعمال إليه.. بل يأثم من يخالف أمره تعالى بترك الرخصة، فيقول سبحانه: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين﴾ "البقرة - ١٩٥"

ومرضى القلب في أمر صيام رمضان بين إفراط من جانب، وتفريط من جانب آخر..

فمن جانب نرى تصميما على الصوم من مرضى لا تسمح لهم حالتهم الصحية بالصوم وهذا بدوره إفراط..

ومن ناحية أخرى نرى بعض المرضى حالتهم الصحية ليست بالسيئة ويترخصون في الفطر لأهون الأسباب وهذا تفريط..

كلاهما مذموم وكلاهما مرفوض والقاعدة الشرعية تقول: "لا ضرر ولا ضرار"

ولتوضيح حكم صيام رمضان لمرضى القلب، يمكن تقسيم المرضى الي ثلاثة أقسام:

1. القسم الأول، وهم الذين يمكنهم الصيام، ويشمل:

o حوالي ثلثي مرضى قصور الشرايين التاجية،

o مرضى ارتفاع ضغط الدم البسيط والمتوسط،

o مرضى ضعف عضلة القلب والذين لديهم "كفاءة القلب أكثر من 4٥%" ولا يحتاجون لجرعات كبيرة من مدرات البول.

وهؤلاء تكون حالاتهم مستقرة على الأدوية والتي يمكنهم تناولها مرة في اليوم أو مرتين، ولذا فلا بأس عليهم من الصيام مع التأكيد عليهم بانتظامهم في تناول الأدوية بعد تنظيمها مع الطبيب المعالج.

2. القسم الثاني، وهم المرخص لهم بالإفطار، ويشمل:

o الذين يعانون من ضعف شديد في عضلة القلب "كفاءة القلب أقل من ٣٥%"،

o المرضى ذوي الارتفاع الشديد بضغط الدم والذين يحتاجون لجرعات متعددة من الأدوية،

o مرضى قصور الشرايين التاجية والذين يعانون من نوبات ألم متكررة أو جلطات حديثه بالشرايين أو تمت لهم عمليات بالقلب خلال فترة وجيزة قبل الصيام،

o مرضى القلب المصحوب بأمراض أخري كقصور وظائف الكلى أو مرض السكري الغير قادرين على الصيام ويرخص لهم بالإفطار.


3. القسم الثالث، وهم بين الحالتين السابقتين، لا هم بالمرض الشديد فيفطرون ولا بالحالة المستقرة فيصومون... وهؤلاء بحاجة لأن يناقشوا أوضاعهم مع الأطباء الثقات فيفتونهم بما يناسب حالاتهم وظروفهم، والنصيحة لهؤلاء المرضى والذين هم في المنطقة الرمادية أنك شريك مع الطبيب في الحكم، فالصوم ممكن، والرخصة قائمة، واستفت قلبك وان أفتاك الناس وأفتوك.

ولا يجب علي الطبيب أن يغفل الجانب الروحي لدي بعض المرضى وأن التزامهم بالصوم مع بعض المشقة قد يحسن جدا من حالتهم النفسية وبالتالي حالتهم الجسدية، والأصل ألا يقع عليهم ضرر، كما يجب على الطبيب أن يكون حازما في أمر الفطر لأولئك الذين سيشكل الصيام ضررا على صحتهم.

هذا توضيح من الوجهة الطبية لحكم الصيام لمرضى القلب، وأسأل الله أن ينفع بها من يقرأها...

وكل عام وحضراتكم جميعا بكل خير...